موجات البحر

موجات البحر

 

تتراقص موجات البحر هاربةً مُعكرة اللون لتقرع ثوبي بخفه، فتعيد عزف نوتاتٍ لمقطوعاتٍ قديمةٍ كانت قد خُزنت في متاهات ذاكرتي العتيقة. لا أعلم حقاً كيف لوقع إيقاعاتِ تلك القدرةُ في نبش سراديب الذاكرةِ التي قد دُفِنت منذ زمن، وكيف أنها لا تنتقي إلا المُضرج منها بالمشاعر المُلبدةِ بالحزن والسواد، تنتقي تلك التي ستعيد عليك نفس طقوس الوجع والضعف التي عانيت منها في تلك المدة.

كنت واقفة على ظهر باخرةٍ أنظر في شرود بإتجاه اليابسةِ، أودع بقايا سرابها الذي تخلصت من كل آلامي وجراحي عليه قبل الهروب، أو هذا ما ظننته، فعندما ضاقت بيّ الأرض وباتت همومي تنافس أنفاسي لتخنقني، قررت أن ألوذ للمحيط اعتقاداً مني أن له القدرة على بلع الظلام الذي يستكين دواخلي، على خلاف الأرض الصلبةِ التي تصدهُ لترده لي مضاعفاً.

شعرت بالهواء يتسلل ببطء لرئتيّ حالما اختفى آخر أثرٍ لليابسةِ في الأفق، أخذت تنهيدةً عميقةً وها أنا ذا لأول مرةٍ منذ زمن أشعر بالهواء يتغلغل بداخلي، فكل ما كان يصلني طوال الفترةِ الماضيه ماهو إلا بقايا ذراتِ هواءٍ تنازع للوصول إلى حنجرتي فتصتدم بصخرةٍ تسد المجرى لتعيقها عن المواصله.

شعرت بأنني ولدتُ من جديد - فها قد تخلصت من كل شيءٍ سيء حسب اعتقادي في ذلك الوقت - ولكأنني ارى السماء والغيوم، الشمس والبحر للمرة الأولى.،..